الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة من مقاهي "وسط البلد" المصرية الى ركح الحمامات: الأندرجرواند يفرض سطوته .. ولكن ..

نشر في  05 أوت 2018  (21:06)

من ميدان التحرير، وأنفاق الميترو، والغناء في الشواع كانت انطلاقتهم، هم مجموعة من الشباب المصري جمعتهم الصدفة في مقاهي "وسط البلد"، صدفة أثمرت عن أشهر الفرق الموسيقية التي نجحت في تقديم نوع جديد من الموسيقى البديلة، موسيقى تجمع بين الكلمات المصرية البسيطة والألحان الشرقية وبين ثقافات موسيقية مختلفة كالروك والجاز والريغي وغيرها، ولأنهم ساروا ضدّ التيار، واختاروا اتباع خطوات مدروسة بعيدا عن شركات الانتاج الموسيقية والتكنولوجيا المتطورة، تطلب وصول أعضاء فرقة "وسط البلد"  الى أكبر المسارح وأعرقها سنوات من العمل، وهذا أمر طبيعى خاصة أن فرق الأندرجراوند هي فرق مستقلة بذاتها و ترفض الأضواء .

ولأن صدى فرقة "وسط البلد" المغرّدة خارج السرب، انتشر خارج بلاد الفراعنة لا غرابة في أن تكتض مدارج مسرح الحمامات بجمهور غفير جاء خصيصا للاستمتاع بموسيقى وكلمات تحكي عنهم وعن كل مواطن عربي .

عن حكايات الناس وقصصهم وحياتهم اليومية، وما عاشته مصر وغيرها من بلدان  ـ ما يسمى ـ بالربيع العربي، عن الحرية والديمقراطية والحب والانسانية غنّى هاني عادل بغيتاره صحبة بقية أعضاء فرقة "وسط البلد": أحمد عمران (عود وفلوت)، وأدهم السعيد (غناء) ومحمد جمال الدين المعروف باسم “ميزو” (إيقاعات) وأحمد عُمر (غيتار باص) و أسعد نسيم (غيتار) و إيهاب عبد حميد المعروف باسم “بوب” (إيقاع) واسماعيل فوزي (غناء وغيتار).

ببساطتهم المعهودة ودون تكلّف اعتلى أعضاء الفرقة الركح ليجلس كل واحد فيهم الى آلته سواء القديمة منها أو العصرية، قبل أن يمسك هاني عادل غيتاره ويسافر بجمهور الحمامات الى عالم الرومنسية تارة والواقعية تارة أخرى، ويقدّم كوكتالا من الأغاني القديمة والجديدة، من "قل للمليحة" و"آه يا لا للي" "روبافيكيا" و"انتيكا" وصولا الى "عينيكي المسكرات " و"شاشة التليفون" و "وشوش تجاعيد " و"قاسية" من الألبوم الأخير "بنطلوني الجينز"، غناء متواصل على مدى ساعتين، تقطعه أحيانا كلمات من هذا أو ذاك طالبا أغنية معينة، أو مازحا مع أعضاء الفرقة، كما لم يتردد هاني عادل في مغازلة الحمامات وتونس متحدثا أحيانا عن تاريخ أغنية معينة والسرّ وراء اداءها .

وفي خطوة لاقت استحسان الجمهور ارتدى أعضاء فرقة "وسط البلد" الشاشية التونسية، وهو ما دفع احدى المعجبات لاعتلاء الركح وتقديم المشموم لقائد الفرقة الذي اعترف أنه غير متزوج قبل أن يهدي جمهوره التونسي أغنية "لاموني اللي غارو مني" للهادي الجويني بتوزيع جديد .

وبأداءه لأغنية " سلفي" مسك هاني عادل هاتفه والتقط مجموعة من الصور مع الجمهور قبل أن يتحدث مطولا عن سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وما سببته من ضرر اجتماعي، وهو مايبرر ـ ربما ـ ابتعاد الفرقة عن هذه المواقع وتخييرها التواصل المباشر مع الجمهور سواء في الشوارع أو المقاهي والساحات.

ورغم أن الموسيقى البديلة التي تقدمها فرقة " وسط البلد" قد نختلف في محتواها، فانه بان بالكاشف أن لها عشاقها في تونس من الذين يحفظون كلماتها ويرددونها عن ظهر قلب، موسيقى وكلمات لا تحتاج نفسا طويلا ولا طاقة صوتية عالية بل تحتاج الى الاحساس وهو ما تمكن هاني عادل وفرقته من ايصاله في ليلة مقمرة داعبت فيها نسائم بحر الحمامات مشاعر الحضور فرقصوا وغنوا وبطلب من هاني عادل التحقوا به الى الركح آخر السهرة. 

ألحان بسيطة، وكلمات طريفة في معظمها ان لم نقل دون معنى في غالب الأحيان، وهو ما اعترف به هاني عادل اثر اداءه احدى الأغاني حيث قال "هذه الأغنية لا معنى لها".. حفل بسيط لا جديد ولا تجديد فيه، بل تنقصه الكثير من الحرفية وهو ما لاحظناه من خلال الأعطاب التقنية المتكررة التي جدت خلال العرض ورغم هذا فان ما قدمته ّفرقة "وسط البلد" ضمن فعاليات الدورة 54 لمهرجان الحمامات الدولي لاقى استحسان الحضور، وهو ما يؤكد أن الموسيقى الواقعية التى تعبر عن الشارع بأحداثه وتناقضاته، الموسيقى التى تمردت على الفن السائد والألبومات التقليدية التى تحتوى على أغاني الحب والهجر والشوق، هي المستقبل .

سناء الماجري